ما هي أهم العقبات أمام تبني تكنولوجيا البلوكشين على نطاق واسع؟
في عام 1989, قام تيم بيرنرز لي بإضافة بروتوكول التحكم في الإرسال (TCP) وتسمية الدومين لشبكة CREN الداخلية وقام بإختراع ما يعرف اليوم بشبكة الإنترنت.
وبعد مضي 10 سنوات, في عام 1999 كانت التكنولوجيا لا تزال بدائية وأقل من 300 مليون شخص يستخدمون الإنترنت – ذلك ما يمثل أقل من 5% من سكان العالم آنذاك -.
واليوم بعد مرور ما يقارب 30 عاماً على تكنولوجيا الإنترنت, نجد ما يقارب 50% من سكان العالم يستخدمون الإنترنت بشكل يومي وأصبح عادة أساسية في حياتهم.
واليوم نحن في عام 2018 والذي تمثل الذكرى السنوية العاشرة لنشرة ورقة العمل الخاصة بالبيتكوين, والتي وضعت تقنية البلوكشين في مرحلة قد توازي تكنولوجيا الإنترنت.
نجد اليوم إنتشار الإبتكارات والمشاريع بشكل أسرع مما تعودنا حتى بدأ البعض يظن بأنه يجب على تكنولوجيا البلوكشين حل جميع مشاكلنا اليومية, ولكن ذلك لم يحدث بعد.
أحد أهم العقبات اليوم في تطور المشاريع القائمة على تكنولوجيا البلوكشين هو موضوع التبني وإعتمادها بشكل أساسي, ويأتي ذلك كون عملية التبني التي تمر بها كل تقنية حديثة تعتبر بطيئة, وبالطبع يمنعها العديد من الأسباب التي سنذكرها في المقال التالي.
أهم العقبات أمام تبني تقنية البلوكشين في حياتنا اليومية
ويذكر أن الرئيس التنفيذي في شركة Chronicled المهندس سامنثا رادوشيا أعلن سابقاً أن هناك سببين وراء تراجع تبني البلوكشين من إعتماده بشكل واسع النطاق، وإنتشار الأخبار الغير صحيحة بكثرة حول عملة البيتكوين والإيثريوم تحديدًا والسبب وراء ذلك مجهول بحسب قوله.
ومن أسباب عدم إعتماد العالم على العملات الرقمية أسباب عديدة للغاية ولكن أهمها من وجهة نظر المهندس سامنثا, هي اللغة المستخدمة في وصف الكلمات والألفاظ عالية التقنية, وذلك يرجع لكونها تربك المستخدمين.
أو لأنها كلمات تقنية أو مالية بحته لايفهمها المستخدم العادي، مثلا إختصار PoW أو PoS أو كلمات مثل Mining أي التعدين في عالم التشفير، وتعتبر مشكلة كبيرة لكل من المعدنين أو الأشخاص الذين يودون تداول العملات الرقمية أوفهم تقنيات البلوكشين الأساسية.
كما أوضح أنه يرى بوضوح فجوة المعرفة التي يعاني منها المستخدمين، وأن الألفاظ تخلق الكثير من الحواجز. ويتلخص السبب الاول من وجهة نظره, في عدم وجود لغة مفهومة لكل من يحتاج شراء العملات المشفرة، وبالطبع صعوبة إدراكها للمستخدمين العاديين مثل المديرون التنفيذيون، ورؤساء التسويق والتطوير، بالإضافة للمستثمرين في سوق العملات الرقمية والمشفرة أو الأسهم العامة.
وأشار سامانثا أن السبب الثاني هو عدم إتقان التكنولوجيا المستخدمة من قبل المستخدمين، وذلك لأن التقنية المستخدمة على نطاق واسع صعبة الفهم، وانتقد تكنولوجيا البلوكشين وقال من المفترض أنها لا مركزية، ولكن ماحدث أنها شكل من أشكال المركزية مع تكنولوجيا حديثة.
ولذلك قد يرى البعض أن الحل هو إنشاء لغة أوامر مشتركة وبروتوكول عالمي عن طريق إنشاء تحالف بين مجالات الذكاء الإصطناعي والعملات المشفرة، وذلك من أجل حل العديد من المشاكل، ومن أجل زيادة النمو في سوق تداول العملات الرقمية.
مشاكل وقيود تكنولوجيا البلوكشين
لا يوجد استخدام عالمي حقيقي
تستهدف أغلب المشاريع القائمة على البلوكشين حل مشاكل حقيقية نواجهها بشكل يومي, مثل التلاعب في البيانات, التحويل المالي بشكل سريع وتكلفة منخفضة, حفظ وأمان للبيانات وعدم القدرة على اختراقتها, الخ. وهذه جميع استخدامات بالإمكان حلها بواسطة تكنولوجيا البلوكشين.
لكن ما يقف حاجز اليوم هو عدم وجود تطبيق أولي واضح على نطاق عالمي, بالنظر على عملة البيتكوين على سبيل المثال كان ينظر إليها كعملة تستخدم للإحتياجات اليومية, ولكن اليوم نجد النقاش حول إن كانت وسيلة أو دفع أو وسيلة استثمارية للتخزين.
صعوبة الإستخدام
اليوم, إذا أردت أن تقوم بإرسال 0.01 من عملة الايثيريوم فيجب عليك الآتي:
- الدخول إلى المحفظة الخاصة بك
- إدخال المفتاح الخاص (Private Key) الذي يتكون من سلسلة طويلة من الحروف والأرقام
- إدخال عنوان الشخص والذي يتكون من سلسلة طويلة من الحروف والأرقام
- تحديد المبلغ بالاضافة إلى تحديد الغاز في الايثيريوم أو ما يعرف بـ رسوم التحويل
- تنفيذ الإرسالية
- متابعتها على البلوكشين والتأكد إذا تم تنفيذ العملية
تعتبر العملية معقدة جدا مقارنة بالخيارات الأخرى المتاحة اليوم مثل “باي بال” PayPal, والذي يمكنك من إرسال أي مبلغ من المال عبر النقر مرتين في التطبيق أو الموقع الخاص بالمنصة.
صعوبة التطوير
لا يزال عدد مطوري تكنولوجيا البلوكشين محدود مقارنة بالمجالات التقنية الأخرى. إذا رأينا إلى مجال تطبيقات الأجهزة الذكي وإنتشار المطورين فذلك ساعد على إنتشار الصناعة واستخدامها في مختلف المجالات اليومية.
اليوم تحتاج المشاريع إلى فريق مخصص من المطورين في مجال البلوكشين أو أن يتعلموا لغات برمجة جديدة لطرح حلاً جديداً. ولذلك فإن أحد الطرق التي يمكن أن يرتفع فيها مستوى الإبتكار في عالم البلوكشين هو إزالة هذا الحاجز ودخول عدد أكبر من المطورين إلى المجال.
السرعة
في عام 1998, كانت عملية تحميل مقطع فيديو أو فيلم قد تستغرق عدة أيام. وهذا مشابه لما نشاهده اليوم في عالم البلوكشين, حيث أن سرعة المعاملات في الثانية (TPS) لشبكات مثل البيتكوين أو الايثيريوم لا تزال ضعيفة ولا تتجاوز 15 – 20 معاملة في الثانية, حتى أن بعض المعاملات قد تستغرق ساعات لإتمامها.
هذه أحد العقبات أمام تبني تكنولوجيا البلوكشين في القطاع المالي مثلا, حيث أن شبكة الفيزا تتعامل بسهولة مع الآلاف من المعاملات في الثانية وتصل إلى 24,000 معاملة في الثانية في بعض الحالات.
في حين نشهد هذا العام وجود العديد من المشاريع التي تستهدف حل هذه المشكلة وتعد بالوصول إلى الآلاف أو مئات الآف أو الملايين من المعاملات في الثانية في ظروف العالم الحقيقي, ولكن قد يستغرق بعض الوقت لتحقيق ذلك.
عدم وجود الأنظمة واللوائح
أحد أهم العقبات في تبني البلوكشين هو افتقار المجال للأنظمة واللوائح, كونها تقدم للمشاريع فرصة للتوجيه واختيار القطاعات دون وجود عواقب أو مخاطر.
حيث أن العديد من المشاريع تعمل على بناء التقنية قبل أن يتم تشريعها نظامياً وهذا يؤثر بشكل مباشر في ثقة المجتمع والتبني الشامل للتكنولوجيا.
إنها مجرد مسألة وقت
بعد ذكر جميع هذه النقاط, لا يمكن تجاهل مميزات تكنولوجيا البلوكشين وانها مجرد مسألة وقت حتى يتم التبني بشكل شامل. بالنظر إلى جميع التقنيات السابقة كالإنترنت, الأجهزة الذكية, الأجهزة اللوحية (تابلت), استغرقت بعض الوقت حتى تم تبنيها بشكل كامل.
والآن هذا ما يواجه عالم البلوكشين حاليا, ولكن من المؤكد بأن التكنولوجيا ستصل إلى حياتنا اليومية وستصبح جزء أساسي في حولنا لما تقدمه من مميزات وفوائد على مستوى الفرد والمجتمع.