من هو “روس أولبريخت” ؟ وقصة تحوله إلى مليونير ثم السجن المؤبد بسبب الدارك ويب؟
رحلة في عالم الانترنت المُظلم ومجال العملات المشفرة
“روس أولبريخت” هو أحد أشهر الشخصيات المتعلقة في عالم الانترنت المظلم (Dark Web) وحكم عليه القضاء الأمريكي بالسجن مدى الحياة بعد إنشاء وإدارة “Silk Road” أو “طريق الحرير”.
لمن لا يعرف “Silk Road” أو “طريق الحرير” فهو سوق على الإنترنت لتداول (بيع/شراء) أي شئ وقد تخطت قيمة معاملاته مليار دولار من السلع أو الخدمات غير القانونية.
تم اجراء المعاملات على “Silk Road” أو “طريق الحرير” باستخدام عملة البيتكوين الرقمية من أجل عدم الكشف عن هوية المستخدمين. لهذا السبب، يُنسب إلى “أولبريخت” تطوير أحد أول و أكبر المنصات التي تستخدم العملات الرقمية وتحديدا عملة البيتكوين كعملة أساسية للمدفوعات. كان “طريق الحرير” مشروعًا رائدًا استفاد من الخصائص اللامركزية الأساسية للبيتكوين.
حافز “أولبريخت” لإنشاء طريق الحرير “Silk Road”
كان “طريق الحرير” نتاجًا لرغبة “أولبريخت” في تأسيس شركة ناشئة ناجحة مقترنة بآرائه السياسية التحررية. أراد “روس” بناء سوق حر لتكون أبعد من متناول الكيانات الحكومية.
في حسابه على “لينكدإن” كتب أولبريخت: “إنني أصنع محاكاة اقتصادية لإعطاء الناس تجربة مباشرة لما سيكون عليه العيش في عالم من دون استخدام القوة بشكل منهجي”، مُدعيا أن هذا الوصف هو المناسب للعبة الأدوار – متعددة اللاعبين – عبر الإنترنت.
قبل فضيحة “طريق الحرير” لم يكن لـ (روس أولبريخت) أي تاريخ إجرامي. كان خريجًا جامعيًا حاصلاً على درجة البكالوريوس في الفيزياء من “جامعة يوتا” الأمريكية وماجستير في علوم وهندسة المواد من جامعة “ولاية بنسلفانيا”.
بعد عامين من تخرجه، وجد “أولبريخت” نفسه غير مُلهَم بالعمل التقليدي وأراد أن يصبح رائد أعمال. تجدر الإشارة إلى أن “روس” كان لديه اهتمام متزايد بالنظريات الاقتصادية التحررية خلال تلك السنوات أيضًا. بعد نجاح تجاري محدود من مشاريعه الحالية، بدأ روس العمل على متجره الإلكتروني عبر الإنترنت في عام 2010 كمشروع جانبي.
بحلول عام 2011 كان “طريق الحرير” منصة متكاملة وظيفيًا حيث يمكن للمستخدمين شراء وبيع السلع والخدمات القانونية وغير القانونية على حد سواء بالرغم من انها كانت في غالبها غير قانونية.
يمكن للمستخدم الذي يدخل إلى موقع “طريق الحرير” أن يتوقع على الفور أن يشاهد القوائم الخاصة بالأنشطة المخالفة للقانون مثل: المخدرات أو النقود المزيفة.. إلخ.
حتى تم اتهام “روس” بإتاحة خيار توظيف قاتل محترف من الموقع. على الرغم من أن هذا الادعاء لم يكن أبدًا جزءًا من إدانة “روس أولبريخت” الكاملة، فإن المحادثات بين “Dread Pirate” والقاتل المتعاقد عليه يمكن أن يكون دليلاً مُقنعًا.
في الواقع، كان “طريق الحرير” يمتلك بعض القواعد.
لا يسمح الموقع بببيع وشراء أي شيء كان يهدف إلى “الإيذاء أو الاحتيال”. وهذا يعني أن النشاط الإجرامي مثل: “استغلال الأطفال في المواد الإباحية” أو “استخدام بطاقات الائتمان المسروقة” محظور. لذا كان من الغريب أن يتم إضافة خيار توظيف (قاتل مأجور).
كيف تعمل منصة “طريق الحرير” ؟
عمل “طريق الحرير” لمدة 4 سنوات وجذب تداولات تزيد قيمتها عن 1.2 مليار دولار من السلع / الخدمات غير القانونية قبل أن يُغلق في عام 2015, وصلت أرباح المنصة إلى أكثر من 28 مليون دولار.
وقد أدار “روس أولبريخت” الموقع من “سان فرانسيسكو” بـ(كاليفورنيا) تحت اسم مستعار وهو “Dread Pirate Roberts”.
تمكن “Dread Pirate” من الاحتفاظ بنفسه وبمستخدمي الموقع مُتخفين عن طريق تشغيل الموقع على “متصفح Tor” وهي شبكة افتراضية مخفية. ويعمل “متصفح تور” على اخفاء عناوين IP لتصبح مجهولة الهوية عن طريق ارتداد حركة مرور الإنترنت بين العديد من خوادم الويب حول العالم، مما يجعل من الصعب للغاية تحديد أي مصدر هو الحقيقي وايهم هو الخادع.
وعلاوة على ذلك، تم الاحتفاظ بالمعاملات المالية على “طريق الحرير” مجهولة الهوية عبر استخدام عملة البيتكوين لصعوبة معرفة هوية المستخدم.
انهيار الإمبراطورية
قبض “مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI” على “أولبريخت” في أكتوبر 2013 وفي 29 مايو 2015 حكم عليه بالسجن المؤبد (مدى الحياه) دون إطلاق سراح مشروط بعد إدانته بتهم تسهيل تهريب المخدرات، وقرصنة الكمبيوتر، وغسيل الأموال.
كان “روس أولبريخت” لديه فهم ملموس بالأدوات اللازمة لاستضافة سوق مجهول تمامًا. ومع ذلك، كانت الغلطة التي أودت به إلي السجن من صنيعته.
فقد نشر “أولبريخت” عن حاجته إلى أحد “مُتخصصي تكنولوجيا المعلومات” في منتدى على شبكة الإنترنت باستخدام عنوان بريده الإلكتروني الحقيقي.
آثار فضيحة “طريق الحرير” على “العملة الرقمية المشفرة”
أنشأ “روس” واحدة من أقدم وأكبر المنصات التي تستخدم العملة الرقمية المشفرة كوسيلة للدفع. وغالبًا ما يُنظر إلى “طريق الحرير – Silk Road” على أنه حدث بارز في تاريخ العملات الرقمية لكونه تطبيقًا مبكرًا للسياسة المضمنة في العملة المشفرة.
كان لفضيحة “طريق الحرير” آثار إيجابية وسلبية على تبني العملة الرقمية.
على الجانب الإيجابي: أظهر “طريق الحرير” قوة الأمن والأمكانيات العظيمة لـ شبكة البيتكوين. حيث تتم معالجة المعاملات التي تجري على الموقع بشكل مجهول على مدار الساعة طوال الأسبوع لمدة 4 سنوات بشكل غير قابل للتعقب حتى تم إغلاق الموقع في النهاية.
ولكن، على نحو سلبي، ألقت المنصة بظلالها للتساؤل حول استخدامات “العملات الرقمية المشفرة” وذلك عن امكانية استغلالها في الانشطة الإجرامية المحتملة لقدرتها على إخفاء الهوية. فالأموال الرقمية اجرت المعاملات المالية (تم الدفع بها) مقابل الحصول على سلع غير قانونية بشكل فعّال للغاية بأستخدام البيتكوين.
كان “طريق الحرير” له تأثيرًا واضحًا على معرفة الناس بالعملة الرقمية، فقد قام مستخدمي الموقع بالاعتماد على البيتكوين في وقت كانت فيه العملة المشفرة بالكاد معروفة للقليل. وحدث حينئذٍ تذبذب في سعر البيتكوين من 100 دولار إلى 600 دولار خلال معظم الوقت الذي كان فيه الموقع نشطًا. بعد بضع سنوات، كان السعر 30 ضعفًا لهذا الرقم. من المحتمل أن بعض المُجرمين المُحتملين انفقوا اموالهم بسخاء.
“روس أولبريخت” اليوم
في الوقت الحالي، يخضع “روس” لعقوبة السجن مدى الحياه في سجن “إيه دي إكس فلورنس” وهو سجن فيدرالي شديد الحراسة في ولاية كولورادو.
ومع ذلك فإن اتهامه كان مُثيرا للجدل إلى حد ما. ويعتقد البعض أن عقوبة “أولبريخت” مبالغ فيها بالنسبة لطبيعة الجرائم التي اتهم بها فعليًا، والتي كانت كلها كانت غير عنيفة. وقالت القاضية “كاثرين فورست” إنها ستحكم عليه بـ “أشد حكم ممكن” وهو (السجن مدى الحياه) نظرًا لأن القانون يمنع اصدار عقوبة الإعدام.. (عقوبة الإعدام تم إلغاءها مؤخرًا).
تم طرح حجة الأحكام القاسية أثناء مناشدات “روس” العديدة لتخفيف الحكم، ولكن لم يحقق منها أي نجاح.
كما يتعاطف بعض الناس مع “روس” نظرًا شخصيته غير العنيفة التي كان معروفًا بها. وقد تم تقديم مئات الخطابات إلى المحكمة نيابة عنه في محاولة لإقناع القاضي بتخفيف عقوبته ولكن الحكم لا يزال “السجن مدى الحياه بدون إطلاق سراح مشروط” – أي أكثر من 40 سنة.
وظلت عائلته تحتفظ بصفحة ويب لدعم قضيته ومطالبة المُجتمع بتوقيع عريضة لدعم الاستئناف على الحُكم الصادر ضده.
اقرأ ايضاً: