كيف تتناسب عملة البيتكوين مع الأزمة الإقتصادية في لبنان ؟
الأزمة المالية في لبنان تجعل البنوك تبحث عن سياسة نقدية بديلة والمواطنون بدورهم أيضا يبحثون عن خدمات مصرفية بديلة أيضا.
الأزمة الاقتصادية في لبنان مستعرة منذ سنوات، لكن الاضطرابات السياسية والانكماش الذي أحدثه الوباء في الأسواق العالمية أثارت مخاوف من التخلف عن السداد الحكومي وتخفيض قيمة “الليرة اللبنانية”.
الأمر الذي جعل المواطن اللبناني يبحث عن حل خارج الأزمة الحالية وجعل العديد من اللبنانيين يبحثون عن معلومات حول البيتكوين الذي يعد بديلا مثاليا مقارنة بالنظام المصرفي اللبناني المكسور.
صرح السيد “باتريك مارديني”، الرئيس التنفيذي للمعهد اللبناني لدراسات السوق وأستاذ التمويل المساعد في جامعة “البلمند” في لبنان بالقول:
إن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ارتفع من 1500 ليرة لكل دولار إلى 4000 ليرة لكل دولار.
كما يختلف سعر الصرف هذا اعتمادا على نوع الدولار.
إن الدولارات الموجودة بالفعل داخل تجارة النظام المصرفي اللبناني المقيدة مقابل أقل من دولار حقيقي من السوق السوداء المحلية، والتي يسهل تحريكها.
هذا هو السبب في أن بعض الناس يستخدمون البيتكوين لشراء دولارات من السوق السوداء لسداد قروضهم المصرفية بثمن بخس، وهو ما أفاد به “مات أهلبورغ” باحث في البيتكوين أيضا.
يحصل معظم متداولي “LocalBitcoin” على عملات البيتكوين الخاصة بهم باستخدام حسابات مصرفية خارج بلد إقامتهم للتهرب من إدارة البنوك لما يحصلون عليه من دولارات.
حيث أن بعض مطوري البرامج واللاعبين، الذين يكسبون البيتكوين من عملاء أجانب أو ألعاب عبر الإنترنت، يجلبون بيتكوين أيضا إلى هؤلاء المتداولين المتاحين عن طريق تداول خارج البورصة لتصفية عملاتهم المحلية.
صرح المحامي “شربل شويه” الشريك في “Choueh Law” إن شركته هي الأولى في لبنان التي تقبل كل من عملة الدولار الرقمي (USDT) وبيتكوين من العملاء في الخارج.
قال “أهلبورغ”، مشيرا إلى كيفية استخدام معظم المبتدئين في سوق الكريبتو للشبكات الاجتماعية للعثور على موفري البيتكوين بدلا من الاعتماد على منصات التبادل، وأوضح ذلك بالتصريح:
إن البيتكوين القادم إلى البلاد قادم من السوق المستقل … بالإضافة إلى القليل من الألعاب والتحويلات، هناك المزيد من الطلب بسبب فيروس كورونا وإغلاق العديد من الأعمال المالية التقليدية وسلسلة التوريد.
قدّر أحد المتداولين المجهولين والذي يعمل في لبنان منذ عام 2013، أن اللبنانيين يتاجرون بين مليون دولار و 5 ملايين دولار شهريا باستخدام شبكات غير رسمية، ما يقزم مبلغ 54،916 دولار من معاملات البيتكوين اللبنانية التي تم حسابها خلال العام الماضي على Paxful و LocalBitcoins مجتمعة.
وأضاف ذات المتداول المجهول:
جائحة فيروس كورونا زادت الطلب على التحويلات المالية، وبالتالي زيادة رسوم شبكات تحويل الحوالة المحلية.
الآن بعد أن أصبحت خيارات الحوالة أكثر تكلفة، فإن البيتكوين هو خيار أرخص وأكثر جاذبية.
يستخدم مثل هؤلاء المتداولين في المقام الأول مواقع مثل Paxful للإعلان لكنهم يقومون بالصفقات باستخدام تطبيقات أخرى للهواتف المحمولة.
العديد من متداولي البيتكوين في الأسواق الناشئة مثل لبنان، حتى متداولي OTC المحترفين الذين ينقلون الأصول على نطاق واسع، يعتمدون على WhatsApp كأحد أفضل منصات الدردشة لمناقشة الصفقات.
تعد التيليجرام و واتساب و فيسبوك و تويتر من بين أهم المنصات في هذا المشهد.
أصبحت الشبكات الاجتماعية بشكل أساسي شبكات مالية شعبية دون قيود مصرفية، معتمدة على العملات العالمية مثل الدولار والبيتكوين.
ردا على ذلك، حظرت الحكومة اللبنانية تطبيقات أسعار الصرف التي تبين سعر الصرف الفعلي لليرة اللبنانية مقابل الدولار.
رد المصرفيون:
أخبر “مارديني” أن مقترحات الحكومة والمصرفيين تشير إلى أن البلاد في حالة إصلاح.
إذا تمكنت الدولة من إثبات أنها تعيد بناء بنيتها التحتية المالية، فقد تكون قادرة على تأمين مليارات الدولارات من التمويل من صندوق النقد الدولي (IMF).
وأضاف “مارديني” أن دعم صندوق النقد الدولي سيشجع المزيد من الاستثمارات من المجتمع الدولي.
في الوقت الحالي، تخطط الحكومة لخفض ديونها بنحو 62٪ وإلغاء 44 مليار دولار من خسائر صرف العملات الأجنبية في البنك المركزي اللبناني.
ستشمل هذه الخطة محو رأس المال الاحتياطي في البنك المركزي، ورأس المال الاحتياطي في البنوك الخاصة، وكمية معينة من الودائع التي أودعها أغنى الأشخاص في البلاد.
ووفقا لـ “مارديني” فإن نتيجة تخلف كل من الحكومة والبنك المركزي عن الديون من المرجح أن تقلص عدد البنوك.
في بلد يتعامل بالفعل مع بنك مركزي يكافح من أجل إثبات استقلاليته عن الفصائل السياسية، قال “مارديني” إنه قلق من أن تؤدي إعادة هيكلة النظام المصرفي في لبنان إلى مزيد من عدم الثقة في البنوك.
وصرح مارديني في هذا السياق:
إذا تُركت الحكومة تقوم بإعادة الهيكلة، فسوف يضعون يدهم على القطاع المصرفي جوهرة تاج الاقتصاد اللبناني.
سيكون الاحتكار للقلة من البنوك.
تطلب المصارف اللبنانية حاليا من الحكومة النظر في اقتراح مضاد لا يتضمن أي تقصير حكومي.
سيسمح الجزء الأول من خطة الحكومة بشراء السندات بأسعار فائدة أقل من البنوك الخاصة.
و الجزء الثاني من الاقتراح بأن تصبح الأصول الحكومية كالأصول الرقمية، مثلا تحويل شبكات الاتصالات وشركات المياه والأصول العقارية في لبنان وتحويلها إلى سندات وتكون في الأساس أسهم قابلة للتداول.
تجادل البنوك في أن هذا من شأنه أن يقلل افتراضيا دين الحكومة بمقدار 40 مليار دولار، لكن السندات ستكون مملوكة بالكامل للحكومة.
علّق “مارديني” حول هذه الاقتراحات بالقول:
العملية ككل تقوم على التحويل من حكومة مركزية إلى كيان حكومي آخر في ذات الصندوق.
بينما من الأفضل أن تقوم الحكومة بحل البنك المركزي واستبداله بلوحة عملات تضمن دعم الليرة اللبنانية بنسبة 100٪ بالدولار الأمريكي.
إما أن يبقوهم نقدا أو يضعونهم في سندات حكومية أمريكية مضمونة الأصول، الأمر الذي سيسمح بدخل معين ويغطي تكاليف عمليات مجلس العملة.
وبذلك فكمية الأموال التي يصدرها مجلس العملات المتداولة سيتم تحديدها حسب ظروف السوق.
الكريبتو مقابل الليرة اللبنانية:
“جون غيفيلد” بدأ في تعدين العملات الرقمية في عام 2013 وكان تاجرا ومتداول على منصة mt.Gox وتعاون مع البروفيسور “مارديني” لتشجيع تبني العملات الرقمية في لبنان.
إن روح الحرية الاقتصادية التي تحرك مجتمع العملات الرقمية جعلت “غيفيلد” يدرك أن البيتكوين يمكن أن يكون مسعى إنساني بالإضافة إلى نموذج أعمال.
أخبر “غيفيلد”:
أعتقد أن العملة المشفرة هي أفضل فكرة مناهضة للحرب تم ابتكارها على الإطلاق.
إذا كان مواطنو الدولة يمتلكون عملتهم وثروتهم بالفعل وليس الحكومة، فيجب على الحكومة فعليا أن تخدم الشعب.
في البداية، فكر “غيفيلد” في أن يستخدم المغتربون اللبنانيون البيتكوين للتحويلات لتدفق العملات الرقمية إلى البلاد.
حاليا، يبحث “غيفيلد” في أن يقوم المستوردون بإرسال الكريبتو إلى شركة يديرها “غيفيلد” و”مارديني” ومقرها في مالطا، وتحويل هذا الكريبتو إلى عملات ورقية، واستخدام العملات الورقية للدفع للموردين الدوليين وتقليص النظام المصرفي.
قال “غيفيلد”:
يمكننا الحصول على إثبات للمفهوم وإثبات أنها تعمل.
ثم ننتقل إلى الاعتماد حيث يمكن للمواطنين العاديين دفع المستورد مباشرة بالكريبتو.
من المرجح أن يرسل المغتربون العملات المشفرة إلى الدولة إذا كانت هناك حالة استخدام يمكن إثباتها.
في البداية، كان تفكير “غيفيلد” يفكر في استخدام عملة مستقرة للمشروع، حتى يكون لدى الشركات اللبنانية شيء أقل تقلبا في نقل الأموال، ولكن هناك قلق لا مفر منه بشأن القرارات السياسية أو العقوبات.
وأضاف “غيفيلد”:
البيتكوين هي العملة المشفرة الأكثر شهرة، ويبدو أنها الأسهل استخداما في لبنان.
نظرا لأنه لا يُسمح للمستخدمين بشراء البيتكوين في لبنان ببطاقة ائتمان، حيث وضعت البنوك قيودا على عمليات السحب.
إذا سارت الأمور على ما يرام، فقد يكون للمشروع آثار أخرى غير النظام المصرفي الفاشل في لبنان.
قال “غيفيلد”:
هذا ليس مجرد مشروع لبناني، لا يوجد سبب لعدم عمل ذلك في مكان آخر … في أي بلد آخر يمر بأزمة مالية مماثلة.
اقرأ أيضا:
شركة Grayscale توضح سبب شرائها لكميات كبيرة من البيتكوين
الملياردير “تيم دريبر” يوزع مليون دولار من البيتكوين لتعزيز تبني استخدام العملات الرقمية