ضعف الوصول للإنترنت في افريقيا يُمكن أن يُبطئ نمو العُملات الرقمية
غالبًا ما يتم الإشادة بأفريقيا على أنها البيئة العظيمة التي ستتبني تنمية العملات الرقمية المشفرة. ولكن هل يمكن أن يؤدي ضعف الوصول إلى الإنترنت وانخفاض جودة الاتصالات إلى إبطاء هذا التقدم؟ حسنًا، لقد أظهر تقرير جديد صادر عن “الاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية” أنه سيكلف 450 مليار دولار لربط 1.5 مليار شخص – معظمهم في إفريقيا – بالإنترنت.
والجديد بالذكر أن الحكومات الإفريقية تُنفق ما يقارب ثلاثة أضعاف المعدل العالمي من اجل الحصول على انترنت عالي الجودة لكامل بقاعها الجغرافية بالإضافة إلى أنه هناك أيضًا مشكلة انخفاض مستويات التعليم، والتكلفة العالية للأجهزة التي تدعم الإنترنت في ظل انخفاض الدخول النقدية للأفراد. كل هذه العوامل يمكن أن تتسبب في إبطاء ثورة العملات المشفرة في إفريقيا، وهي ثورة تعتمد اساسًا على الاتصال الموثوق والآمن والمستقر بالإنترنت.
هل يمكن أن تزدهر العملات الرقمية في ظل خدمة الإنترنت غير المنتظمة في إفريقيا؟
يمكن الآن مناقشة مسألة إذا كان يمكن للعملة المشفرة في أفريقيا أن تنمو كما يُتوقع لها بالاستعاضة عما إذا كانت قارة كاملة بها ما يصل إلى 1.2 مليار شخص قادرة على امتلاك البنية التحتية الضرورية – والمعرفة التقنية – أم لا والسماح للأموال الرقمية (العملات المشفرة) بالازدهار دون عوائق.
فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، نما النظام البيئي للعملة الرقمية بسرعة في العديد من البلدان الأفريقية مثل “كينيا وغانا وأوغندا ونيجيريا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي” مع حصول البيتكوين على شعبية كبيرة. وينظر على نطاق واسع إلى موجة تبني العملات المشفرة على أنها مفتاح لدفع النمو الاقتصادي والاندماج المالي في القارة.
ومع ذلك، أظهر تقرير جديد صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات بعنوان “حالة النطاق العريض 2018: النطاق العريض لتحفيز التنمية المستدامة” أن الحكومات الأفريقية لديها الكثير لتفعله لضمان أن القارة سوف تستفيد من “الثورة الصناعية الرابعة”.
وتكشف آخر بيانات الاتحاد أن حوالي 52% أو 3.7 مليار نسمة من سكان العالم لا يزالون غير مُتصلين بالإنترنت، ويقيم غالبيتهم في أفريقيا. وإن حجم البنية التحتية التي يجب بناؤها أو ترقيتها لسد الفجوة الرقمية ونشر التقنيات الناشئة أمر ضخم – ويقدر الاتحاد أن المبلغ المُستلزم لتوفير تلك الإمكانيات لـ1.5 مليار شخص سيكلف 450 مليار دولار.
ويقول الاتحاد الدولي للاتصالات: “يمكن للحكومات الوطنية أن تحدث فرقاً حقيقياً في سد فجوة النطاق العريض من خلال الاستفادة من تقنيات مثل: الأقمار الصناعية لتوفير اتصال موثوق به للمناطق غير المتصلة وإنشاء حل فعال لتوسيع نطاقات الوصول إلى الإنترنت”.
من عنق الزجاجة إلى النمو الاقتصادي
ووفقًا لإحصاءات الإنترنت العالمية، بلغ معدل انتشار الإنترنت في إفريقيا 27.7% بحلول نهاية مارس 2017، وهو ما يعد مقارنة سلبية مع المتوسط العالمي البالغ 49.6% ويمكن القول إن الافتقار إلى الوصول إلى الإنترنت كان بمثابة عنق الزجاجة للنمو الاقتصادي، والقدرة التنافسية، وتطوير الخدمات الأساسية في البلدان المختلفة بجميع أنحاء أفريقيا. وأشار التقرير إلى أن 6% فقط من الأفارقة يمتلكون الوصول إلى الإنترنت.
هذه الأرقام تجعل القراءة والآمال مطمئنة فيما يخص تطوير العملة الرقمية في القارة الافريقية. يزدهر المال الظاهري بتحقيق امكانية الوصول إلى الإنترنت والاتصالات الموثوقة والمستقرة وهو ما يتعين على العملات الرقمية الوصول إلى البنوك غير المتعاملة في المناطق الريفية حيث يقيم معظم الأفارقة لكن الاتصال بالإنترنت هو الأكثر فقراً في هذه المناطق.
لقد أعاقت خدمات الإنترنت في أفريقيا رداءة البنية التحتية للخط الثابت والندرة النسبية له. وحاليا، هناك أكثر من 90% من جميع اتصالات الإنترنت عبر شبكات المحمول. وتثبت الأرقام الواردة في تقرير الاتحاد هذه النقطة، وتبين أن تغلغل الانترنت الثابت بلغ 0.7% في أفريقيا في عام 2016، مقارنة بنسبة 29.3% من تغلغل خدمات الانترنت المتنقلة.
رواندا تدعم تكنولوجيا النطاق العريض
ولكن بينما تنفق الحكومات الإفريقية حوالي 1.1% من ناتجها المحلي الإجمالي على تكنولوجيا النطاق العريض – أي أقل من المتوسط العالمي بثلاثة أضعاف – يبرز بلد واحد
حققت رواندا 90% من معدل انتشار النطاق العريض للأتصالات. في عام 2008، وشرعت الحكومة الرواندية في نشر الألياف الضوئية على الصعيد الوطني كبنية تحتية أساسية للنطاق العريض. وقد ربطت هذه الألياف البصرية أجزاء مختلفة من البلاد وقدمت وصلات عابرة للحدود ذات قدرة عالية مع التوصيل الأمامي بالكبلات البحرية.
في الوقت الحالي، تعترف رؤية حكومة “رواندا” وسياستها وخططها بالنطاق العريض وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل عام، كمحرك للنمو الاقتصادي، والوصول إلى المعلومات والتماسك الاجتماعي، والإنتاجية والابتكار عبر جميع قطاعات الاقتصاد – على الرغم من أنها لا تذكر بالتحديد العملة المرادفة.
وقد اتخذت خطوات لتشجيع الابتكار وريادة الأعمال، والحد من تكلفة أجهزة المستخدم، ودعم تطوير واستيعاب المحتوى ذي الصلة ونشر التكنولوجيات في مختلف قطاعات الاقتصاد.
ويبقى الأمر الغامض في هذه المسألة أنه مع كل التقدم المُحقق في توصيل الإنترنت، بدأت العملات الرقمية في الإقلاع في رواندا فقط. ربما، هذا يتعلق بمتوسط تكلفة النطاق العريض في أفريقيا الذي يصل إلى 493 دولار في الشهر وفقا لصندوق النقد الدولي، وهو ما يُعد بعيداً عن متناول الكثيرين الذين يكسبون جزءًا ضئيلا من هذا المبلغ كل شهر. ومما لا شك فيه أن ضعف الوصول إلى الإنترنت ومشاكل الاتصالات قد يكون هو العائق الرئيسي لاعتماد ونمو العملات الرقمية المشفرة في أفريقيا.