ماذا يمكن لتقنية البلوكشين أن تضيفه في قطاع البنوك و الخدمات المصرفية للافراد؟
يُنظر لتقنية البلوكشين بعين الترقب والتفاؤل من أنها ستقوم بجلب معايير جديدة لكل حالة استخدام تدخلها تقريبا.
حيث تحمل تقنية البلوكشين جملة من الميزات على رأسها تسريع المعاملات وزيادة الأمان والشفافية وخفض التكاليف، فمن المنطقي أن يكون القطاع المصرفي هو أول من يتبنى هذه التقنية.
فهناك بالفعل حماس مبكر لتبني تقنية البلوكشين بين المؤسسات والشركات المالية وشركات البنية التحتية والبنوك وشركات قطاع التجزئة.
حيث أطلقت البنوك التجارية وبنوك الجملة، مثل “Saim Commercial Banks” في إندونيسيا، مجموعة من مسابقات الهاكاثون ومختبرات الابتكار والتعاون مع شركات الإقتصاد الرقمي.
كما أدخلت بنوك التجزئة الملايين من الناس إلى الخدمات المصرفية الإلكترونية.
عندما يتعلق الأمر بتقنية البلوكشين، ظل معظم قطاع البيع بالتجزئة مترددا في تبني هذه التقنية الجديدة.
ولا يزال هذا النهج الحذر مفهوم حيث لا توجد مبادرة صناعة مالية واسعة النطاق يمكن اعتبارها مثالا عمليا تطبيقيا للتقنية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المتطلبات التنظيمية الصارمة للقطاع المصرفي تشكل عائقا كبيرا أمام التبني السريع لهذه التقنية.
على الرغم من هذه المشكلات، فقد استفاد عدد قليل من بنوك التجزئة من تقنية البلوكشين لزيادة المرونة في أعمالهم.
فيما يلي بعض حالات استخدام تقنية البلوكشين في الخدمات المصرفية للأفراد.
تقنية البلوكشين والخدمات المصرفية للأفراد:
تزداد المشاعر السلبية حول الخدمات المصرفية للأفراد.
حيث أدت الأزمات المالية لعام 2008 إلى ارتفاع هذه المشاعر السلبية وعدم الثقة في البنوك.
لكن يمكن للبنوك التحول في صناعتها وأن تكون ذات مستقبل أكثر إشراقا وتعطيل طريقتها المعتادة في العمل، وذلك عن طريق استغلال تقنية البلوكشين.
يمكن لبنوك التجزئة الاستفادة من نقاط القوة الرئيسية الثلاثة في البلوكشين والمتمثلة في:
- معالجة البيانات بطريقة مثالية.
- عدم الحاجة للوساطة والأطراف الثالثة.
- الثقة.
في منشور صادر عن شركة “McKinsey” وهي إحدى الشركات الرائدة في العالم في مجال الاستشارات المالية، حددت ثلاث تطبيقات أعمال رئيسية من تقنية البلوكشين الموجهة للخدمات المصرفية للأفراد.
هذه التطبيقات هي التحويلات المالية، والتحقق من الهوية (اعرف عميلك)، وتقييم المخاطر.
التحويلات المالية:
قدر البنك الدولي أنه من المتوقع أن ينمو السوق الإجمالي للتحويلات عبر الحدود إلى 747 مليار دولار في عام 2020 مع احتفاظ البلدان النامية بنصيبها.
يستمر حجم المعاملات الدولية الضخم هذا في إعاقة كفاءة عمل البنوك بسبب الوقت المستغرق والرسوم المترتبة عن معالجة عملية التحويل.
تتراوح الرسوم عادة من 2 إلى 3 في المائة من قيمة المعاملة ويمكن أن تصل إلى 10 في المائة.
تقدم تقنية البلوكشين حلولا لهذه المشكلات، وهذا هو السبب في أن العديد من شركات التكنولوجيا بما في ذلك العمالقة تدمج الآن هذه التكنولوجيا في أنظمتها الأساسية مما سيمكن بنوك التجزئة من معالجة معاملات أسرع بأقل رسوم.
يقول تقدير من قبل “McKinsey” أن تطبيق “البلوكشين” على المدفوعات عبر الحدود يمكن أن يوفر حوالي 4 مليار دولار في السنة.
في هذا السياق يمكن ذكر مثال الريبل التي تعد أحد الشركات المشهورة في مجال البلوكشين والتي تركز على المدفوعات عبر الحدود.
تربط الشركة البنوك ومزودي المدفوعات من خلال شبكة المدفوعات العالمية “RippleNet”.
التحقق من الهوية (KYC):
تعتبر عمليات التحقق من هوية العميل ضرورية للبنوك لإجراء فحص لمعايير مكافحة غسيل الأموال.
تعد أنظمة التحقق من الهوية الحالية مرهقة حيث يتعين على العملاء تقديم مستندات كثيرة وزيارة البنوك شخصيا.
بالإضافة إلى ذلك، يتعين على العميل تكرار عملية التحقق من الهوية المطولة هذه لكل خدمة ومصرف جديد، نظرا لأن أنظمة التحقق من الهوية ليست متكاملة.
تأتي تقنية البلوكشين للمساعدة في هذه المشكلة من خلال توفير بيانات العملاء والتي تكون غير قابلة للتغيير والمسجلة في كتل البلوكشين والتي يمكن الوصول إليها والتحقق منها من قبل جميع البنوك الأعضاء على الشبكة باستخدام مفتاح خاص.
يؤدي هذا إلى إزالة عملية التحقق من الهوية و إجراءات “اعرف عميلك” المطولة وبالتالي، تبسيط فتح الحسابات والعمليات الأخرى للعميل دون الحاجة إلى ملء نماذج واستبيانات متعددة.
توضح التقديرات أن إعداد العملاء المستند إلى البلوكشين يمكن أن يوفر مليار دولار من تكاليف التشغيل ويمكن أن يقلل الخسائر السنوية من الاحتيال بمقدار 7 مليار إلى 9 مليار دولار.
تقييم المخاطر على أساس درجة الائتمان:
تقوم البنوك التي تعالج طلبات القروض بتقييم المخاطر من خلال النظر في عوامل مثل درجة الائتمان، والتي تعكس الجدارة الائتمانية للعملاء.
للحصول على هذه المعلومات، يتعين على البنوك الاعتماد على وكالات الائتمان المتخصصة.
هذا السيناريو ليس مثاليا لأن قواعد البيانات المركزية هذه معرضة بشدة للتسرب.
توفر تقنية البلوكشين إمكانية تخزين كميات كبيرة من البيانات التي يمكن إخفاء هويتها وحمايتها بواسطة بروتوكولات تشفير مختلفة.
يمكن لجميع البنوك الموجودة على الشبكة عرض بيانات العملاء التي تم تحميلها من قبل أي بنك في الشبكة.
بالإضافة إلى ذلك يمكن أن توفر تقنية البلوكشين أيضا أمانا إلكترونيا متعددا لبنوك التجزئة حيث يمكنها بسهولة اكتشاف أي تلاعب بالبيانات.
في الختـام:
تعد تقنية البلوكشين بأكثر مما طرحناه في عرض المقال، ولكن يجب أن تفي بعدة شروط قبل أن تصبح تقنية سائدة ويتم إعتمادها في عدد أكبر من البنوك.
تحتاج البنوك أيضا إلى تطوير بنية تحتية لتشغيل شبكة عالمية لأن الاعتماد الواسع لهذه التكنولوجيا فقط يمكن أن يؤدي إلى إصلاحات ثورية في هذا القطاع، لكن هذه عملية طويلة ومكلفة ولكن الاستثمار سيأتي بعوائد كبيرة.
اقرأ أيضا: