لماذا يتسم موقف الولايات المتحدة الأمريكية بالغموض تجاه البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة؟
ولماذا تباطأت الحكومة الأمريكية في وضع إطار تنظيمي واضح لصناعة العملات الرقمية المشفرة؟
لقد مرّ ما يقرب من شهرين منذ أن تولى الرئيس الجديد “جو بايدن” منصبه، وبالنسبة للمؤمنين بالبيتكوين، فإن وصوله جلب أخبارا جيدة بشكل متواضع للصناعة.
ويمكن ذكر وعلى وجه الخصوص، إلغاء إدارة “بايدن” لحملة قام بها وزير الخزانة السابق لفرض قواعد جديدة مرهقة على صناعة العملات الرقمية، وهي حملة اعتبرها الكثيرون بمثابة ثأر ضد الكريبتو.
كما تفائل المتحمسين لسوق الكريبتو أكثر بعد تعيين “بايدن” لأستاذ سابق في معهد “ماساتشوستس” ليقود ويرأس هيئة الأوراق المالية والبورصات والذي يتوقع له أن لا يتبع سياسات مؤيدة للعملات المشفرة، ولكن من الواضح أنه يفهم البيتكوين بعمق.
يمكن القول أن موقف الرئاسة الجديدة والذي لم يتضح بشكل واضح بعد، قد يكون مغاير عما أنتهجته الرئاسة السابقة تحت إدارة ترامب، التي غالبا ما أعرب أعضاؤها، بمن فيهم الرئيس السابق نفسه، عن عداء صريح للبيتكوين والعملات المشفرة.
لكن لا يزال الطريق طويلا أمام الولايات المتحدة للوصول إلى سياسات لتشجيع الابتكار في مجال العملات المشفرة.
تنظيم سوق الكريبتو في الولايات المتحدة الأمريكية:
القانون في الولايات المتحدة الأمريكية عبارة عن فوضى فيما يتعلق بسوق الكريبتو، حيث تسعى الوكالات المختلفة إلى لوائح متنافسة أو حتى متناقضة.
ويبدو أن الكونغرس، الذي أصدر قوانين في التسعينيات لمساعدة البلاد في قيادة العالم في مجال تكنولوجيا الإنترنت، سعيد بالسماح للبلدان الأخرى بأخذ زمام المبادرة عندما يتعلق الأمر بالكريبتو.
ماذا يحصل؟
لماذا فشل المشرعون والمنظمون الأمريكيون في تبني واحدة من أكثر التقنيات التي يتوقع من وراءها الكثير في هذا العقد؟
الجواب المختصر هو:
الأمر معقد.
تحدث المصدر مؤخرا مع محام قديم في وزارة العدل الأمريكية قام بمقاضاة قضايا تتعلق بغسيل الأموال رفيعة المستوى، بما في ذلك المتعلقة بالبيتكوين.
وأقر بأن السياسة الأمريكية تجاه سوق الكريبتو معطلة، حيث تحاول أجزاء من الحكومة الفيدرالية تشجيع الابتكار على غرار البيتكوين بينما تحاول أجزاء أخرى إغلاقها وعدم التطرق لها وتجاهلها.
وعزا المحامي هذا الخلل إلى الدور الضخم الذي لعبته وكالات الأمن القومي في تشكيل وجهة نظر الولايات المتحدة تجاه العملات المشفرة.
لقد نظر الأشخاص وأصحاب القرار بمنظار هذه الوكالات تجاه العملات المشفرة والبيتكوين، ونظروا إلى العملات المشفرة على أنها تهديد وأن البلاد في حرب معها لإرتباطها بتمويل الارهاب.
وأشار المحامي من ذات المصدر سابق الذكر إلى أنه منذ إقرار قانون باتريوت في عام 2004، حول الاحتياطي الفيدرالي الدولار الأمريكي إلى سلاح استراتيجي لدفع أهداف السياسة الخارجية.
ومن المفارقات أن هذا القرار قد يسرع في صعود العملات المنافسة للدولار، بما في ذلك البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى.
لاحظت صحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع، بأن زيادة ضخ الدولار أثار غضب أوروبا ودفع الحكومات هناك إلى استكشاف الأدوات المالية التي من شأنها أن تجعلها أقل اعتمادا على العملة الأمريكية.
في غضون ذلك، أخذت الصين زمام المبادرة في إصدار نسخة مشفرة من اليوان من خلال بنكها المركزي.
تعتبر العملة الرقمية الجديدة للصين امتدادا جزئيا لدولة المراقبة المترامية الأطراف، مما يسمح للحزب الشيوعي بتتبع كيفية إنفاق الناس للمال بشكل أفضل.
ولكن وفقا للمحامي السابق في وزارة العدل، فهو أيضا شكل جديد من أشكال القوة الناعمة لبكين، التي تريد استخدام فعالية الأموال القائمة على البلوكشين لإشراك البلدان الأخرى في صفقات تجارية لا تستخدم الدولار.
كل هذا يعني أن فشل الولايات المتحدة في تطوير سياسة رقمية متماسكة يمكن أن يقوض النفوذ الجيوسياسي للبلاد عاجلا وليس آجلا.
لم يفت الأوان، بالطبع على الولايات المتحدة للفوز بعصر الكريبتو، كما فعلت مع عصر الأنترنت المبكر.
حيث يقع مقر العديد من أكبر شركات الكريبتو في العالم في وادي السيليكون، وستضمن الحرية النسبية لأمريكا مقارنة بالنظام الشمولي في الصين عدم اختفاء الدولار في أي وقت قريب.
ومن المفارقات أن البيتكوين ارتفعت قيمته على حساب الدولار، لكن ذلك جعل العديد يعزفون عن التعامل بالبيتكوين واعتباره أصل استثماري، بينما التعامل اليومي يكون بالدولار، في هذا الصدد علق ذات المحامي، بالقول:
حتى المتسللين الكوريين الشماليين الذين يسرقون البيتكوين يصرفونها بالدولار.
ومع ذلك، من الأفضل أن تبدأ إدارة بايدن في جعل سياسة الكريبتو أولوية، حيث عليها أن تتعامل مع العملات المشفرة كجزء من السباق نحو الابتكار، بدلا من التعامل معها كتهديد يجب إخماده.
تتغير الافتراضات الحالية حول الرقمية الوطنية CBDC بسرعة، وتحتاج الولايات المتحدة إلى الاستعداد لعصر يكون فيه الكريبتو والعملات الرقمية للبنوك المركزية هي الشكل المهيمن على حساب العملات التقليدية.
اقرأ أيضا:
خمس أشياء يجب معرفتها حول المؤسسات الاستثمارية (الأموال الذكية) والعملات المشفرة
تعرف على ثلاث مشاريع تعد بتطوير عالم التمويل اللامركزي DeFi ليصبح أكثر شمولا