تشغيل / ايقاف القراءة الليلية
مواضيع العملات الرقمية

هل البيتكوين متوافق من الناحية الفنية مع التبني العالمي ؟

سُطر في الورقة البيضاء لعملة البيتكوين بأنها نظام نقدي جديد يعتمد على آلية الند للند في المدفوعات المالية والتي من شأنها تعويض المدفوعات التقليدية، أي تبني عالمي للعملة.

لكن وبإرتفاع عملة البيتكوين لمستوى يفوق 16,000 دولار في وقت كتابة هذا المقال من الصعب القول أن الناس سيستخدمونها بشكل عادي في حياتهم اليومية، خاصة وأن قيمتها ترتفع بشكل سنوي، وعليه أصبح ينظر إلى البيتكوين على أنه مخزن دو قيمة أكثر منه أي شيء آخر.

لكن العديد من المتحمسين للبيتكوين مصممون على الوصول إلى حالة تتم فيها جميع المعاملات الرقمية في العالم تقريبا بعملة البيتكوين، حيث تُستخدم محافظ العملات المشفرة بشكل روتيني لشراء أي شيء من رطل ليمون إلى سيارة لامبورغيني، وحيث تكون المعاملات سريعة والرسوم منخفضة.

إذن، ما الذي يجب أن يحدث تقنيا للبيتكوين للوصول إلى مرحلة تكون فيها البيتكوين سائدة على المستوى العالمي ؟

معاملات البيتكوين:

في عام 2019، تم إجراء ما يقرب من 708.5 مليار معاملة رقمية سنويا.

هذا يصل إلى 1.9 مليار معاملة في اليوم.

المصدر: Cap Gemini

للتعامل مع مثل هذا الرقم الضخم من المعاملات الرقمية، ستحتاج شبكة بلوكشين البيتكوين إلى معالجة 13,194,444 معاملة كل 10 دقائق.

لمعالجة 13,194,444 معاملة كل 10 دقائق، مع حجم معاملة بيتكوين يبلغ متوسطه حاليا 537 بايت، ستحتاج كل كتلة من كتل البيتكوين إلى استيعاب ما يزيد قليلا عن 7 جيجابايت من البيانات.

نظرا لأن بلوكشين البيتكوين بأكمله يبلغ إجماليه ما يزيد قليلا عن 300 جيجابايت اعتبار من سبتمبر 2020، فسيكون ذلك معادلا لإضافة بلوكشين البيتكوين بالكامل كل 43 يوم.

سيؤدي حجم المعاملات هذا إلى توليد ما يزيد قليلا عن تيرابايت من البيانات المضافة إلى البلوكشين كل يوم، أو 372 تيرابايت في السنة.

الحقيقة:

حاليا، لا توجد طريقة فنية لتحقيق ذلك.

حجم كتلة البيتكوين ثابت عند 1 ميغا بايت (يمكن تجاوزه، ولكن بشكل طفيف فقط).

ونظرا لأن وقت وحجم الكتلة ثابت، فسيكون من المستحيل معالجة 13,914,444 معاملة في غضون عشر دقائق، مما يؤدي إلى تراكم ضخم من mempool بلغة البلوكشين.

كم سيكون حجم mempool ؟

حول حجم “mempool” علق “جيسون دين” المحلل في “Quantum Economics” للمصدر بالقول:

استنادا إلى البيانات التاريخية، يمكن لشبكة البيتكوين إدارة حوالي 3333 معاملة لكل كتلة في 10 دقائق، أي حوالي 5.5 في الثانية.

للمقارنة، يمكن لـ “فيزا” معالجة شيء مثل 1700 معاملة في الثانية.

لكن تقنية البيتكوين لا تزال وليدة، وستستغرق معالجة 13,914,444 معاملة 4174.5 كتلة بمدة تقارب 29 يوم .

وهذه مجرد كتلة واحدة فقط من البيانات التي يجب أن نقوم بمسحها كل 10 دقائق!

وكحلول تقنية لما يمكن فعله لتوسعة مقدرة وسرعة معالجة معاملات البيتكوين بغرض زيادة التبني، تم اقتراح العديد من الحلول أبرزها:

زيادة حجم كتلة البيتكوين:

قال “دين” للتعامل مع بضعة مليارات من المعاملات اليومية على بلوكشين البيتكوين، ستحتاج البيتكوين إلى شبكة، وأجهزة، وسرعات نقل تفوق بكثير ما لدينا الآن.

ولهذا السبب، هناك العديد من الحلول التي تم اقتراحها والتي تعتمد على المعاملات خارج الشبكة، مثل “الشبكات الجانبية”.

وأضاف “دين”:

حتى لو أنشأنا سيناريو بطريقة ما حيث سيكون بمقدور كتلة البيتكوين أن تكون بحجم 7 جيغابايت، فإنني أجادل بأن تكنولوجيا البيتكوين لا ترقى إلى هذا المستوى، وهناك الكثير من الآثار السلبية التي تجعل ذلك مرغوبا فيه.

أحدها هو الحجة القائلة بأنه من المستحيل الاستمرار في زيادة حجم الكتلة إلى أجل غير مسمى، وأنه سيؤدي إلى مزيد من المركزية.

إذا احتاج مشغلو العقد إلى تنزيل كتل بحجم جيغابايت، ولم يتمكنوا من تحمل تكاليف الأجهزة أو الإنترنت المرتبطة بمعالجة ذلك، فقد يكون ذلك بمثابة عقبة أمام الكثيرين.

وزيادة المركزية ستكون نتيجة لذلك.

ثم هناك تكاليف تخزين البيانات وعرض النطاق الترددي لنقلها جميعا ويجب أخذها أيضا بعين الاعتبار.

صرح “جريجوري ماكسويل” أحد مطوري بلوكشين بيتكوين في عام 2014:

هناك مقايضة متأصلة بين التوسع واللامركزية عندما نتحدث عن المعاملات على بلوكشين البيتكوين.

سنحتاج إلى الكثير من النطاق الترددي، باتصال بقدرة وسرعة عالية جدا.

المشكلة هي أنها لن تكون لامركزية، وستبقى مشكلة من يدير العقدة.

لكن الكثير من الناس يجادلون بأن زيادة حجم الكتلة هو المفتاح لإدخال البيتكوين وتهيئته للتبني على المستوى العالمي.

خاصة وأن الحلول الأخرى لا تزال قيد التقدم.

زيادة حجم الكتلة سيسمح بتأكيد المزيد من المعاملات في كل كتلة، وخفض الرسوم، مما يجعل الشبكة أسرع وأرخص.

هذا ما فعله مجتمع البيتكوين كاش، عندما قاموا بالإنقسام عن البيتكوين، وقاموا بتغيير حجم الكتلة أولا إلى 8 ميغابايت، وبعد ذلك إلى 32 ميغابايت.

وليست طريقة تكبير حجم الكتلة هي الحل الوحيد إذ أن هناك اقتراح آخر والمتمثل في:

تقليص كمية البيانات المستخدمة في كل معاملة:

وهذا يعني أن المزيد من المعاملات يمكن أن تتناسب مع الكتلة، وهو مشابه لما حققته البيتكوين من خلال تحديث “Segregated Witness” الصادر في عام 2017، والمعروف بإسم “SegWit”، والذي أدى إلى تحسين السعة الإجمالية للشبكة.

المصدر: Transactionfee.info

يسمح “SegWit” بتوسيع كتل البيتكوين، إذا لزم الأمر، من 1 ميجابايت إلى 4 ميجابايت، مما يزيد من عدد المعاملات التي يمكن معالجتها في الثانية بواسطة الشبكة.

هذا يعني أن الرسوم أقل أيضا، وقد وصل SegWit الآن إلى أكثر من 60 ٪ من معاملات البيتكوين.

الشبكات الخفيفة “Lightning Network”:

الشبكات الخفيفة أو ما يسمى بحلول الطبقة الثانية تعد من الحلول المقترحة أيضا لزيادة سرعة معاملات البيتكوين بالإضافة استيعابها لأحجام أكبر من المعاملات.

تعمل هذه الشبكات الخفيفة بمثابة القنوات الجانبية للشبكة الرئيسية لكن يمكن القول أن لها طرق مختصرة يكون فيها نظام الدفع أسرع وأرخص مع تسجيلها على بلوكشين البيتكوين.

لا تزال الشبكات الخفيفة قيد التطوير، مع وجود مشكلات فنية تحتاج إلى تسوية، لكن المطورين يحرزون تقدما، وتظهر الميزات والتحسينات الجديدة باستمرار.

الشبكات الجانبية:

الشبكات الجانبية “Sidechains” هي شبكات بلوكشين تتفرع من بلوكشين البيتكوين وهي قادرة على نقل العملات الرقمية فيما بينها.

شبكة “Blockstream” مثال على ذلك، الجانب السلبي هو أن كل سلسلة جانبية تحتاج إلى تأمين بواسطة العقد، مما قد يؤدي إلى مشاكل تتعلق بالثقة والأمان.

التقسيم “Sharding”:

تعد تقنية التقسيم واحدة من أكثر الطرق شيوعا التي تستخدمها شبكات البلوكشين الأخرى لضمان قابلية التوسع، فهي إحدى الميزات الرئيسية لترقية الايثيريوم 2.0 على سبيل المثال.

يتضمن تقسيم المعاملات إلى “شظايا صغيرة”، حيث تقوم العقد بإجراء معالجة متوازية بشكل فعال لتسريع النظام، مما يتيح سرعات  تصل لـ 100,000 معاملة في الثانية.

لكن العملية تضيف تعقيدا وقد تكون ضارة بالأمن لأن التجزئة يمكن أن تزيد من فرص “الإنفاق المزدوج” نتيجة للهجوم.

بسبب التحديات التقنية التي ينطوي عليها الأمر، والإحجام العام لمطوري البيتكوين عن الانغماس في مياه مجهولة، فمن غير المرجح أن يتم تطوير التجزئة كحل قابلية للتوسع في البيتكوين في أي وقت قريب.

حدود محسوبة:

حدود البيتكوين واضحة ليراها الجميع.

احتمال معالجة 700 مليار معاملة سنويا ليس قريبا من الواقع.

تساعد حلول التوسع، مثل الشبكات الجانبية والشبكات الخفيفة ولكن هي أيضا بها بعض العيوب، وليس هناك بالضرورة نهج واضح وناجح.

في نهاية المطاف، يظل ضمان أمان بلوكشين البيتكوين أولوية، وقد ينتهي الأمر باستخدام أكثر من حل واحد بالتوازي.

كما يمكن أن تلعب الحوسبة الكمية دورا في مستقبل البيتكوين.

اقرأ أيضا:

شرح ودليل كامل حول العملات الرقمية الغير قابلة للإستبدال (NFT)

هل البيتكوين سلعة أم عملة ؟

شوقي دليمي

صانع محتوى | مختص في التسويق بالمحتوى مهتم بالعملات الرقمية المشفرة وبتقنية البلوكشين أؤمن بأنها يوما ما ستكون لها الكلمة الأعلى في اقتصاد الغد.
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق